yahia مدير الموقع
الوسام : عدد المساهمات : 5250 النقاط : 15104 العمر : 33 الموقع : https://lycee40.forumalgerie.net
| موضوع: دروس الوحدة الثانية في العلوم الاسلامية السنة الثانية ثانوي الجمعة مارس 11, 2011 2:20 am | |
| + ---- -
من هدي السنّة النّبويّة قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( نَظََّر اللهُ امْرَءاً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثاً فَحَفِظَهُ حَتّى يُبَلِّغَهُ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَحْفَظُ لَهُ مِنْ سَامِعٍ ) رواه أحمد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
الدرس الأول: الشبهات في التشريع الإسلامي وموقف المسلم منها نص الحديث: عن أبي عبد الله النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إِنَّ الحَلَالَ بَيِّنٌ وَإنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبَهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنِ اِتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدْ اِسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وِمِنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةٌ إِذَا صَلُحَتْ صَلُحَ الجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ القَلْبُ ). متفق عليه. ترجمة راوي الحديث: هو النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري الخزرجي، المكنى بأبي عبد الله وهو أول مولود للأنصار في الإسلام، ولد بعد الهجرة بأربعة أشهر. تولى قضاء الشام، ثم استعمله معاوية رضي الله عنه على الكوفة، وكان من الخطباء المشاهير، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم 114 حديثا، اتفق البخاري ومسلم على خمسة منها، وانفرد البخاري بحديث، ومسلم بأربعة. قتل رحمه الله سنة 64 هـ، ودفن هناك. شرح الألفاظ: ـ الحلال: المأذون فيه. ـ بيّن: واضح وجلي. ـ الحرام: الممنوع. ـ أمور: شؤون وأحوال. ـ مشتبهات: المشتبه هو الخفي أمره. ـ اتقى: حذر واتخذ الوقاية مما يضر. ـ استبرأ: طلب البراءة والعصمة. ـ العرض: هو موضع المدح والذم من الإنسان. ـ الحمى: هو المكان الممنوع على غير مالكه. ـ مضغة: القطعة بقدر ما يمضغ. ـ القلب: هو اللب، ويطلق على العقل.
المعنى الإجمالي: ذكر الحديث أنّ الحلال بيّن واضح إذ هو ما أذن الشارع في فعله بنص في القرآن أو في السنة النبوية، وكذلك الحرام واضح لأنه ما منع القرآن فعله أو الحديث النبوي، وبعبارة أخرى الحلال هو الطيب النافع والحرام هو الخبيث الضار، قال الله تعالى: ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ ) الأعراف 157. وبيْن الحلال والحرام أمور خفية مشتبهة لا يعلم أمرها كثير من الناس، مثال ذلك: أن يرسل شخص كلبه للصيد ويسمى عند الإرسال، ويجد عند الصيد كلبا آخر لم يسم عليه، ولا يدري أيهما الذي صاد، فإنه يترك الأكل منه. وقد روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بتمرة ساقطة فقال: ( لولا أن تكون صدقة لأكلتها )، وهذا الترك في الإسلام يسمى الورع.
وقد أرشد الحديث إلى ترك الشبهات لأنّ في ذلك طلب البراءة والسلامة للدين بالتحرز من المعصية، وللعرض فلا يتهم صاحبه بالمعاصي وانتهاك الحرمات. لأن الذي يقع في الشبهات ـ وعدّ بعض العلماء المكروه من الشبهات ـ كاد يواقع الحرام البيّن، فالشبهات وقاية دون الحرام ومن تجنبها كان في مأمن، كالمثال الذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث. ثم أخبر الحديث أن في الجسد مضغة وهي القلب أو العقل، قال الله تعالى: ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا ) سورة الحج الآية 46. بها صلاح الجسد كله إذا صلحت، وفسادها فسادٌ له. فالعقل هو رئيس الجسد، إذا عوّده صاحبه التفكير المستقيم، والحكم الصحيح سوف يقوده إلى الخير والابتعاد عن الشر والفساد، ثم تطيب الحياة وتنتظم الأعمال. أما إذا أهمله ولم يغذه بالنظر والبحث أنّى للجسد أن يستقيم. ما يستفاد من الحديث: ـ الحديث يحذرنا من الشبهات، والوقوف في مواقف الريب، ويدعونا إلى الاحتراس وبعد النظر، ويحضنا على تخليص الدين من الشوائب. وإبعاد العرض من المثالب، بتجنب أسبابها. ـ ويدعونا الحديث إلى تنمية العقل، وترقية التفكير لتكون الأعمال صحيحة، والعاقبة حسنة. ـ الحلال هو ما أحله الله وحده، وهو الطيب النافع لكل بني الإنسان. والحرام هو ما حرمه الله وحده، وهو الخبيث الضار لكل إنسان. أسئلة المناقشة: 1 ـ ما معنى الحلال والحرام ؟ واذكر أمثلة لكل ذلك. 2 ـ ما هي أنواع الشبهات ؟ ولماذا الأفضل تجنب الشبهات ؟ 3 ـ من له حق التشريع، وما الدليل في ذلك ؟
الدرس الثاني: مقومات التحضر في الإسلام نص الحديث: عن أبي سعيد الخذري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ). رواه مسلم. ترجمة راوي الحديث: هو الصحابي الجليل أبو سعيد سعد بن مالك بن سنان الخذري، نسبة إلى خذرة وهي إحدى قبائل الخزرج، واسمه سعد وأبوه مالك، فقد قال عن نفسه: قتل أبي يوم أُحُد وتركنا بغير مال فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله شيئا، فحين رآني قال: من يستغن يغنه الله ومن يستعف يعفه الله. قلت: وما يريد غيري، وما سألت أحدا بعده، وما زال الله يرزقنا حتى ما أعلم أهل بيت من الأنصار أكثر أموالا منا. ( متفق عليه ). رُوى له عن النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ومئة وألف حديث، اتفق البخاري ومسلم على ستة وأربعين، وانفرد البخاري بستة عشر ومسلم باثنين وخمسين. توفي رحمه الله بالمدينة المنورة يوم الجمعة سنة 71 هـ. شرح الألفاظ: ـ رأى: علم ويقن. ـ منكرا: عملا يخالف الشرع. ـ فليغيره: فليبدله. المعنى الإجمالي: يطلب النبي صلى الله عليه وسلم من عموم المسلمين أن يزيلوا كل قبيح نهى عنه شرع الله تعالى فإذا رأى المسلم أحد المسلمين يشرب الخمر أو يلعب الميسر أو يترك الصلاة أو يقسو على يتيم أو يؤذي جاره أو يتلف مالا أو يضر حيوانا أو غير ذلك من الأفعال القبيحة، إذا علم المسلم شيئا من ذلك وجب عليه أن يمنع فاعله من الوقوع في المعصية بالقوة واليد، فإذا لم تكن عنده القوة وجب عليه أن يطلب منه بلسانه ترك المعصية وينصحه بفعل الخير بدلها، فإذا لم يتيسر له هذا أيضا وجب أن ينكر عمل المعصية بقلبه وفي نفسه ويتمنى لو كان قادرا على إزالتها ويتبرأ من فاعل المنكر، وهذه الحالة أدنى درجات الإيمان التي ينجو بها المسلم أمام الله تعالى المنتقم من العصاة الظالمين. فعلى المسلم إذن الأمر بالمعروف قبل النهي عن المنكر، فلا شك أن كل إنسان لا يترك أخاه في معصية إلا وحاول نصحه وإرشاده إلى الله تعالى وبيّن له أن تلك المعصية قد تلقي به في نار جهنم، وأن كل عمل يقوم به فصد التقرّب به إلى الله يهديه إلى البر ويسعده في دنياه وآخرته. فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأسس والقواعد التي يجب على المسلم المحافظة عليها ومعرفة فقهها، ويلزم على كل مسؤول أن يكرم ويهنئ كل من مارسها بإخلاص. ما يستفاد من الحديث: 1 ـ شروط تغيير المنكر: ـ أن يكون المنكر ظاهرا دون تجسس. ـ أن يكون قائما في الحال ويجوز وعظ الفاعل بعدم العودة إليه. ـ ألا يكون مختلفا فيه بين الفقهاء بأنه منكر. ـ ألا يؤدي تغيير المنكر إلى منكر أكبر منه. 2 ـ إن لتغيير المنكر الفائدة العظيمة لأنه يقي الناس من العذاب لأن المعاصي سبب المصائب، قال الله تعالى: ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِن مُصِيبَةٍ فبِمَا كَسَبَتَ اَيْدِيكُمْ وَيَعَفُو عَنْ كَثِيرٍ ) سورة الشورى الآية 30. وإن الطاعة سبب النعمة والرخاء، قال الله تعالى: ( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُم ) سورة إبراهيم الآية 7. أسئلة المناقشة: 1 ـ ماذا تستخلص من هذا الحديث من عبر وفوائد ؟ 2 ـ ما هو الفرق بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ 3 ـ متى يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باللسان، ومتى يكون بالقلب ؟
الدرس الثالث: الغزو الثقافي وخطره على المجتمعات نص الحديث: عن أبي سعيد الخذري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لَتَتَّبِعُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَتَبِعْتُمُوهُمْ، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ، اليَهُودُ وَالنَّصَارَى ؟ قَالَ: فَمَنْ ؟ ). متفق عليه.
ترجمة راوي الحديث: لقد سبق التعريف به في درس ( مقومات التحضر في الإسلام ). شرح الألفاظ: ـ سنن: طُرق ومناهج. ـ شبرا بشبر وذراعا بذراع: كناية عن الاتباع والتقليد في كل شيء. المعنى الإجمالي: ينعى هذا الحديث على الذين اتخذوا تقليد الآخرين منهجا لهم دون معرفة أو تقويم لميزان الحق والباطل في ذلك، فهو دعوة للمؤمنين إلى التمسك بما معهم من إيمان كما أنه دعوة للضالين عن سبيل الله إلى الاستشفاء من داء الغزو القاتل الذي يغتال كل صالحة فيهم. ففي هذا العصر فتح الغرب على الناس من أسرار الطبيعة ما فتنهم بها ومكن لهم من القوة والسلطان حتى عبدوا الطبيعة من دون الله. ونحن المسلمين ننظر مبهورين إلى مدنيتهم ويخدعنا بريقها فنتهافت جريا إليها وهنا تكون مصيبتنا أعظم إذ نُلقي بأنفسنا في بحر متلاطم الأمواج لا نحسن السباحة فيه، فإذا سقط القوم هناك إلى الأذقان وكان لهم أمل في النجاة سقطنا نحن إلى القاع كما تسقط الحجارة لأنه ليس معنا من العلم ما مع القوم منه. لهذا فقد تمزقت وحدتنا الفكرية وذهبت أو كادت مشخصات ذاتنا وطابع وجودنا، فلقد دخل علينا الكثير من الغرائب في حياتنا العقلية والروحية فضلا عن حياتنا المادية. سبيلنا اليوم إلى استرداد وجودنا هو: ـ أن نصفي كل الشوائب التي أشابت معدننا وغيرت خصائصه. ـ وأن نعرف من نحن في دنيا الناس ؟. ـ وما الدور الذي نقوم به في هذه الدنيا ؟. ـ وما المعتقد الذي نعتقده ؟. ما يستفاد من الحديث: ـ بناء على الحديث المذكور وقوله تعالى: ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوِا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَ لَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ) سورة المائدة الآية 104، فقد أجمع المسلمون على عدم جواز التقليد في مبادئ العقيدة. ـ إن الحكمة من النهي عن التقليد تَنافيه مع كرامة الإنسان التي أعزه الله بها كما يتنافى مع حركة العقل الطبيعية. أسئلة المناقشة: 1 ـ بين مخاطر الغزو الثقافي. 2 ـ اذكر بعض ما تراه ناجعا في رد هذا الغزو.
الدرس الرابع: الحقوق الشخصية ومدى ارتباطها بحقوق الآخرين نص الحديث الشريف: عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا؛ كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ, فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا, وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا, فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِن الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ, فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا, فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا, وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا) رواه البخاري. ترجمة راوي الحديث: قد سبق التعريف به في درس ( الشبهات في التشريع الإسلامي وموقف المسلم منها ). شرح الألفاظ: ـ القائم: الذي يرعى الشيء ويقوم عليه. والقائم على حدود الله هو المؤمن الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. ـ حدود الله: محارم الله التي حذر منها عباده. لقد جاء الحديث: ( ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ) متفق عليه. ـ الواقع فيها: الذي ينتهكها. والواقع في حدود الله هو العاصي الفاجر. ـ استهموا: اقترعوا. ـ استقوا: أرادوا الماء وطلبوه. ـ خرقنا: الخرق هو الثقب. المعنى الإجمالي: هذا الحديث الشريف يشبّه حياة الناس بالسفينة. والتي تسير بين أمواج وأمواج، يركب على ظهرها البر ( القائم على حدود الله يحرصها وينهى غيره من الوقوع في الحرام الذي يؤدي إلى إغراق السفينة ) والفاجر ( الواقع في حدود الله الذين يرتكب المعاصي غير آبه بغيره )، ولن يكتب لهذه السفينة السلامة والنجاة إلا إذا كان كل فرد فيها على حذر مما يفعل. إن كثير من الناس لينسى أنه على سفينة الحياة فيفجر ويطغى .. والرسول صلى الله عليه وسلم يدرك هذه الغفلة، فحذّر الناس منها. لكن للأسف الشديد اغتر بقوته الزائلة، فلا يهمّه نصح الناصحين، فينغمس في الشهوات والملذات والمنكرات والمحرمات .. ويقول في نفسه هل يمكن أن أؤثر في المجتمع وأنا شخص واحد ؟ أو يقول من يمنعني أفعل ما بدا لي، وليس لأحد علي سلطان .. ويتركه الناس .. يتركونه إما خوفا منه إذا كان ذو النفوذ، أو بدافع الحاجة إلى ما في يده من مصالح، أو استخفاف بجريمته، واستصغارا لشأنه واستهتارا بعواقب الأمور .. يتركونه يفسق ويفجر، وينشر الفاحشة في المجتمع، ويعيث في الأرض فسادا، وينشر السموم بين النفوس .. ثم يأخذ الفساد في الانتشار وتأخذ الموجة مداها .. حينذاك تقع الهزة التي تزلزل المجتمع كله من القواعد، وتبدأ السفينة في الاضطراب، وتغرق في نهاية المطاف .. تغرق وتأخذ معها الظالمين والمظلومين على السواء. من ثم فالمصالح النهائية واحدة والأخطار النهائية واحدة .. قال الله تعالى: ( وَاتّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) سورة الأنفال الآية 25، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك الله أن يعمّهم بعقاب من عنده ) رواه أبو داود والترمذي. وقد يقول قائل يومئذ عن حسن نية: وهل أنا وحدي سأصلح المجتمع ؟ وسأنقذ السفينة الهاوية إلى القرار ؟ نقول لهذا القائل: كلا حين توجد في مجتمع يوشك على الهلاك، فلن تنقذها وحدك، ولكن تنقذ نفسك .. وحينئذ شتّان بين غريق في جهنم لأنه فاجر .. وغريق في الجنة لأنه مؤمن . إنّ من وحدة المصلحة ينشأ الترابط بين أفراد المجتمع ترابطا لا يتخلخل ولا تنقطع عراه. إنهم ركاب سفينة واحدة، ناجيه أو غارقة، فكيف يمكن أن ينفصل بعضهم عن بعض أو يتجاهل بعضهم وجود بعض ؟ ما يستفاد من الحديث: ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة إسلامية وضرورة اجتماعية. ـ التعدي على حدود الله تعالى يؤدي إلى الفساد العام. قال الله تعالى: ( وَاتّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) سورة الأنفال الآية 25. ـ يجب على جميع أفراد المجتمع أن يتعلموا أن مصلحة الجماعية مقدّمة على المصلحة الشخصية. ـ على المسلم أن يسعى لخير غيره، ولا ييأس، ولا يتخلى عن مسؤولياته. أسئلة المناقشة: ـ ما ذا يجب على المسلم إذا رأى الناس من حوله في ضلال ؟ ـ ما هو دور المسلم في هذه الحياة المتلاطمة الأمواج ؟
الدرس الخامس: هدي السنة في بيان قيمة العلم والعلماء نص الحديث: عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَبْتَغِي فِيهِ عِلْماً سَلَكَ اللهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الجَنَّةِ وَإِنَّ المَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضاً لِطَالِبِ العِلْمِ وَإِنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ حَتَّى الحَيتَانَ فِي المَاءِ وَفَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِ القَمَرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ إِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إَنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَاراً وَلَا دِرْهَماً وَإِنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ ) رواه الترمذي. ترجمة راوي الحديث: هو الصحابي الجليل عويمر بن زيد ابن قيس الأنصاري، أبو الدرداء الخزرجي. أسلم عقب بدر. وتوفي سنة 32 هـ. شرح الألفاظ: ـ سلك: اتبع ونهج. ـ يبتغي: يقصد ويريد. ـ حظ: سهم ونصيب. ـ وافر: كبير وكثير. المعنى الإجمالي: إن للعلم في الإسلام شأنا وأي شأن، ويكفي للدلالة على منزلته أنه صفة من صفات الله جل جلاله: قال الله تعالى: ( وَهُوَ السَّمِيعُ العّلِيمُ ) سورة الأنعام الآية 13، وأنه سبحانه قد أمر به قبل العمل فقال: ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ) سورة محمد الآية 19، وما ذلك إلا لأن صحة العمل مرهونة به، وقد أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بطلب الاستزادة منه فقال: ( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ) سورة طه الآية 114، وقد استفاض حديث القرآن الكريم عن العلم حيث وردت مادة ( علم ) فيه أكثر من سبعمائة مرة، كذلك لم يخل كتاب من كتب السنة من موضوعه العلم. مفهوم العلم: العلم هو إدراك الشيء على حقيقته أو نقيض الجهل أو الاعتقاد الجازم، أو الحجة الواضحة. حكم طلب العلم: طلب العلم فريضة كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: (طلب العلم فريضة على كل مسلم ) رواه ابن ماجه، ومن هذا الفرض ما يكون فرض عين ومنه ما يكون فرض كفاية فكل ما يُحتاج إليه لصحة العبادة فهو فرض عين، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وماعدا ذلك من سائر العلوم التي نحتاج إليها في إقامة حياة سوية فإن تعلمه على الكفاية أي أنه لابد أن يكون في المسلمين من يعلمه بالقدر الذي يسد حاجتهم إليه وإلا أثم المسلمون جميعاً. ضرورة العلم: فالحياة التي لا تؤسس على العلم النافع حياة عديمة الفائدة، فالعلم وسيلة العمل، وقائده، وهو تابع له، ومؤتم به، وشرط في صحته وصحة القول، فلا يعتبران إلا به، كما أنه مصحح للنية التي هي شرط في صحة العمل. والإسلام ينزل العلم المنزلة العالية لأنّه دين العلم، ودين النقل والعقل، ( إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر ). ولهذا كانت أبرز خصائص الدعوة إلى الله هو قيامها على البصيرة أي العلم ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِيَ أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اِتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ ) سورة يوسف الآية 108.
( ولعل من أبلغ صور الحث على طلب العلم وبيان مكانته وأهميته للحياة ما أخرجه ابن عبد البر من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه الذي يقول فيه: ( تعلموا العلم فإن تعليمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة، لأنه معالم الحلال والحرام. ومنار سبيل أهل الجنة وهو الأنس في الوحشة، والصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والسلاح على الأعداء، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة وأئمة يقتص آثارهم، ويحتذى بأفعالهم، وينتهى إلى رأيهم، ترغب الملائكة في ظلهم، وبأجنحتها تمسحهم، يستغفر لهم كل رطب ويابس، وحيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه، لأن العلم حياة القلوب من الجهل، ومصابيح الأبصار من الظلم، يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار والدرجات العلى في الدنيا والآخرة، والتفكر فيه يعدل الصيام، ومداومته تعدل القيام، به توصل الأرحام، وبه يُعرف الحلال من الحرام، هو إمام العمل، والعمل تابعه، يلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء ). إن تلك النصوص النبوية الكاشفة عن عظيم قدر العلماء ومنزلتهم العالية في الدين والدنيا دلالة قاطعة تدل على أن مجتمع المسلمين الصالح مجتمع ميزته الأساسية العلم والعمل الصالح. ما يستفاد من الحديث: ـ طبيعة الإسلام تفرض على الأمّة التي تعتنقه أن تكون أمّة متعلمة ترتفع فيها نسبة المثقفين، وتهبط أو تنعدم نسبة الجاهلين. ـ إن الإسلام ارتفع بمنازل العلماء وقدر جهودهم، وكرم ثمارهم إلى حد كبير. ـ الناس في نظر الإسلام أحد رجلين: إما متعلم يطلب الرشد، وإما عالم يطلب المزيد، وليس بعد ذلك من يؤبه به. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( العالم والمتعلم شريكان في الأجر ولا خير في سائر الناس ) رواه ابن باجه. أسئلة المناقشة: ـ ما قيمة العلماء في الدنيا وفي الآخرة ؟ ـ ما هو العلم الذي يدعو إليه الإسلام، ويجب على المسلم أن يأخذ بحظ منه ؟
عدل سابقا من قبل yahia في الإثنين فبراير 23, 2015 4:09 pm عدل 1 مرات | |
|
مرال عضو فضي
الوسام : عدد المساهمات : 2481 النقاط : 13487 العمر : 31
| موضوع: رد: دروس الوحدة الثانية في العلوم الاسلامية السنة الثانية ثانوي الجمعة مارس 11, 2011 7:14 am | |
| شكرا جزيلا لك يحي جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك :cheers: | |
|