يعتبر الاتصال ميداناً خصباً للدراسة العملية ونقطة التقاء يفد إليها باحثون من تخصصات متعددة واهتمامات متباينة يدفعهم إلى هذا أهداف خاصة مرتبطة لحد كبير بمجال اهتمامهم والذي قد يكون مجال علم النفس المرضي أو مجال علم الاجتماع أو علم الانثربولوجيا أو علم السياسة أو الخدمة الاجتماعية أو الطب .
وكلمة اتصال في أقدم معانيها تعني نقل الأفكار والمعلومات والاتجاهات من شخص إلى آخر ، وقد استخدمها المهندسون للإشارة إلى التلفون والتلغراف والراديو ، كما استخدمها علماء الاجتماع لتصف عملية التفاعل الإنساني ونظر علماء السياسة إلى المجتمعات على أنها نظم اتصال .
ولا يمكن لجماعة أو منظمة أن تنشأ وتستمر دون اتصال يجري بين أعضائها لأن الاتصال هو حامل العملية الاجتماعية وهو الوسيلة التي يستخدمها الإنسان لتنظيم واستقرار وتغيير حياته الاجتماعية ونقل أشكالها ومعناها من جيل إلى جيل عن طريق التعبير والتسجيل والتعليم ، ويكفي أن تنظر إلى المجتمع الحديث بشركاته وهيئاته ومنظماته وحكوماته وجيوشه لكي ندرك أن الاتصال هو الجهاز العصبي الذي يعمل على تماسك الأجزاء وتكاملها .
ويعتبر مصطلح الاتصال هو المصطلح الرئيسي الذي يمثل النشاط الأساسي الذي يندرج تحته كافة أوجه النشاط الإعلامي والدعائي والإعلاني والتعليمي ، فهو العملية الرئيسية التي يمكن أن تنطوي بداخلها عمليات فرعية أو أوجه نشاط متنوعة قد تختلف من حيث أهدافها ولكنها تتفق جميعاً فيما بينها في أنها عمليات اتصال بالجماهير ومن هذه الأنشطة – الإعلام – المعلومات الدعاية – الإعلان – العلاقات العامة – الإعلان – التعليم . حيث تستهدف كل منها تحقيق غايات وأهداف معينة في مجالات قد تختلف عن غايات وأهداف أوجه النشاط الأخرى إلا أن المتغير الرئيسي الذي يربطها جميعها هو كونها عمليات اتصالية تستخدم فنون الاتصال ووسائله وتقنياته في تحقيق أهدافها من خلال توصيل وسائلها الاتصالية المتضمنة معلومات مقصودة.
ما معنى كلمة اتصال :-
كلمة اتصال (Communication) لفظ أوربي مشتق من الأصل اللاتيني للفعل ( Communicare) بمعنى يذيع أو يشيع عن طريق المشاركة .. وهي كذلك مشتقة من الأصل اللاتيني ( Communis) بمعنى عام أو شائع أو يذيع . فنحن عندما نتصل نعمل على إقامة مشاركة مع طرف آخر في المعلومات والأفكار والاتجاهات .
وتستخدم كلمة الاتصال في سياقات مختلفة وتتضمن مدلولات عديدة فهي بمعناها المفرد (Communication) تعني تبادل الأفكار والرسائل والمعلومات وتشير في صيغة الجمع (Communications) إلى الوسائل والأدوات التي تحمل المضمون.
أهم تعريفات الاتصال :-
1) يرى ريتشارد أن الاتصال يحدث حين يؤثر عقل في عقل آخر ، فتحدث في عقل المتلقي خبرة مشابهة لتلك التي في عقل المرسل ونتجت جزئياً عنها .
2) الاتصال هو ( التفاعل بواسطة الرموز والإشارات التي تعمل كمنبه أو مثير يثير سلوكاً معيناً عند المتلقي ) .
3) يرى شانون وويفر أن الاتصال ( يمثل كافة الأساليب والطرق التي يؤثر بموجبها عقل في عقل آخر باستعمال رموز) .
4) يعرف مارتن اندرسون الاتصال ( بأنه العملية التي نفهم من خلالها الآخرون ويفهموننا ) .
5) وعرف شرام الاتصال ( بأنه المشاركة في المعرفة عن طريق استخدام رموز تحمل معلومات ) .
الاتصال البشري والاتصال غير البشري :-
يعد الاتصال من أقدم أوجه النشاط الإنساني وهو يؤثر على كل فرد بشكل أو بآخر وإذا سألنا أي إنسان أن يصف لنا سيرة حياته اليومية فإن الإجابة المؤكدة ستكون إما القيام بالاتصال (Communicating) أو تلقي الاتصال (being Communicated to)
ويعتبر الاتصال نوعاً من النشاط الإنساني الذي يحدث باستمرار . وكما يحدث للإنسان فهو يحدث كذلك بين مخلوقات الله غير المرئية كالاتصال في العائلة الحيوانية عند الطيور والأسماك والحشرات وحركة النحل وحركة النمل ..الخ .
والفرق الرئيسي بين الاتصال البشري والاتصال غير البشري أن الأول يتم بواسطة الرموز ، فالإنسان يستطيع أن ينشأ دائماً رموز وإشارات وإيماءات يستطيع أن يتواصل بها مع أخيه الإنسان ، أما الاتصال غير البشري فهو يتم بلغة واحدة وليس هناك مجال لصنع المزيد من الرموز أو الإشارات أو خلافه .
تعريف الاتصال البشري :-
يعتبر الاتصال البشري مجال متعدد المحاور ولذا يواجه صعوبات لا حصر لها في الدخول إلى تعريف شامل لتنوع هذه الظاهرة وامتدادها لمجالات متعددة .
1) يُعرف الاتصال ( على أنه عملية تبادل الأفكار والآراء والمعلومات عن طريق الحديث أو الكتابة أو الإشارات ).
2) يعرفه اسكندر بأنه ( العملية أو الطريقة التي يتم عن طريقها انتقال معنى أو مفهوم أو إحساس أو أتجاه أو مهارة أو خبرة من طرف إلى آخر حتى تصبح مشتركة بينهما ).
3) شلبي يعرفه بأنه (عملية إرسال واستقبال المعلومات بهدف إحداث تغيير إيجابي)
4) لوندبرج يعرفه ( بأنه نوع من التفاعل الذي يتم عن طريق الرموز) .
5) ردفيلد الاتصال هو ( المجال المتسع لتبادل الحقائق والآراء بين البشر) .
أدوات الاتصال . Tools of Comm
يتم الاتصال البشري في معظمه عن طريق الكلمات سواء كانت منطوقة أو مسموعة أو مكتوبة (مقروءة) وبدون اللغة يصبح من المستحيل توصيل المعاني بدقة للأفكار والعواطف والانفعالات ...الخ من المتصل إلى المتصل به .ويرى المهتمون بالاتصال آن كلمة( لغة ) لا ينبغي آن تقتصر فقط على اللغة اللفظية وحدها ، ولذلك فهم يعتبرون كل فهم منظم ثابت يعبر به الإنسان عن فكرة تجول بخاطره أو إحساس يجيش بصدره إنما هي لغة قائمة بذاتها .
إذن فالاتصال غير اللفظي يعد أداة أخرى لتوصيل المعاني أو العواطف والاتصال غير اللفظي قد يأخذ أشكالاً متعددة مثل الإشارات والحركات المختلفة وتعبيرات ووضع الجسم أو الحركة أو النشاط الذي يقوم به الفرد ، وهذه الأشكال من الاتصال غير اللفظي تقوم بتوصيل المعاني إذا كانت للمستقبل نفس المعنى الذي يقصده الرسل تماماً مثل اللغة .
أنواع الاتصال البشري
تعدد أنواع الاتصال البشري وفقاً لعدد من الأنماط نذكرها فيما يأتي :-
أولاً : أنماط الاتصال وفقاً لحجم وطبيعة المشتركين في عملية الاتصال :-
1/ الاتصال الذاتي : Intra-personal Communication
هو ذلك النوع من الاتصال الذي يحدث داخل الفرد حينما يحدث نفسه ، وهو غالباً ما يتضمن أفكاره وتجاربه ومدركاته ، فالفرد قد يتناقش مع نفسه إذا كان يقرأ كتاباً أو يشاهد برنامجاً تلفزيونياً ويعتبر فهم هذه العملية التي تحدث بين الفرد وذاته أساس فهم عملية الاتصال .
2/ الاتصال الشخصي : Interpersonal Communication
يقصد به تبادل المعلومات والأفكار والمهارات والاتجاهات .. الخ والتي تتم بين الأفراد بطريق مباشر دون استخدام وسائط بينهم ولذلك يصبح أحدهم مرسلاً والآخر مستقبلاً فهو يعتمد على المقابلة المباشرة أو ما يسمى الاتصال وجهاً لوجه ، ولذلك فعدد المشتركين في هذا الاتصال يكون محدوداً ويطلق عليه الاتصال المحدود ومن أمثلته الاتصال الشفهي بين أفراد العائلة الواحدة " الجيرة ، الأصدقاء " ويمتاز هذا النوع من الاتصال بالآتي :-
1) أن اتجاه انتقال الرسالة هنا في اتجاهين
2) القدرة على اختيار المستقبل
3) القدرة على الاستعلام عن تأثير الرسالة لدى المستقبل
4) تأثيره قوى في المستقبل :
5) درجة عالية من المرونة
6) العفوية والتلقائية غير المقصودة .
3/ الاتصال الجمعي : Group Communication
يحدث بين مجموعة من الأفراد حيث تتاح فرص المشاركة للجميع في الموقف الاتصالي وهو يشمل المحاضرات ، الندوات ، الخطب ، الأمسيات الثقافية والمسرح.
4/ الاتصال الجماهيري : Mass Communication
هو عملية الاتصال التي تتم باستخدام وسائل الاتصال الجماهيرية مثل الصحف والإذاعة بشقيها ( مسموعة ومرئية )
كما يعرف الاتصال الجماهيري ، بأنه بث رسائل واقعية أو خيالية على أعداد كبيرة من الناس يختلفون فيما بينهم من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ... الخ وينتشرون في مناطق جغرافية متفرقة . ويتميز بالخصائص والسمات التالية :-
1) الجمهور المتلقي يتصف بضخامة حجمه وتباين اتجاهاته ومستوياته .
2) لا يرى المرسل جمهوره مباشرة ولا يعرفهم .
3) رجع الصدى قليل جداً
4) يغلب عليه سريان المعلومات في اتجاه واحد
5) تتصف رسائله بأنها عامة وعلنية
6) تتيح وسائله نشر الرسائل بسرعة كبيرة وبأعداد كثيرة
7) تقوم به مؤسسات كبيرة
8) عملية منظمة ومدروسة غير عشوائية .
ثانياً : أنواع الاتصال حسب الوسيلة أو اللغة المستخدمة : وهو ينقسم إلى نوعين هما
1- الاتصال اللفظي : Verbal Communication
هو الذي يستخدم فيه اللفظ كوسيلة تمكن المرسل من نقل رسالته إلى المستقبل سواء كانت مكتوبة أم غير مكتوبة كالمذكرات والخطابات والتقارير والكتب والمحادثات التلفونية والمناقشة والمناظرة والندوة والمؤتمر ... الخ .
والاتصال اللفظي يجمع بين الألفاظ المنطوقة والرموز الصوتية فعبارة (أهلاً وسهلاً) يمكن أن تصبح ذات مدلولات أخرى بتغيير نبرة الصوت بجانب طرق الأداء الأخرى غير اللفظية مثل الحركة.
2- الاتصال غير اللفظي : Nonverbal Communication
هو عبارة عن تعبيرات منظمة . تشير إلى مجموعة معاني يستخدمها الإنسان أو قد يقصدها في احتكاكه بالآخرين ومن أنواعه : لغة الصمت ، والتعبيرات الحسية والفسيولوجية ولغة الأجسام كما يطلق عليها "شون ماكبرايد" حيث يستخدم الأفراد أجسامهم للاتصال حتى يتمكنوا من التعبير عن مشاعرهم واحتياجاتهم كاصفرار الوجه أو تصبب العرق والتعبيرات الحركية واللغة الرمزية ، لغة المظهر العام ، والإشارات كإيماءات الرأس التي تعني في بعض الحضارات الموافقة وفي البعض الآخر الرفض ، واللمس .
ويطلق بعض العلماء على الاتصال غير اللفظي أحياناً (اللغة الصامتة)