إلى حد يمكن أن نسلم مع البراغماتيين : " أن المنفعة هي مقياس المعرفة الحقة"
الطريقة الإستقصاء بالوضع :
1/ المقدمة : (طرح الإشكالية)
لقد
ظلت الفلسفة منذ العصر اليوناني بحثا عن العلل الأولى و الأسباب القبلية
للوجود ، فلم تقدم للإنسان سوى حلولا مغرقة في التجريد و غير مجدية ، لأنها
كانت تتأمل في الحياة بدلا من تقديم حلول عملية لمشاكلها ، وفي ظل هذه
المعطيات انبثقت البراغماتية محاولة أن تجعل من المنفعة في الحياة هدفا
لفلسفتها ، و إذا كانت البراغماتية نظرية خاصة في الصدق كما يرى وليام جيمس
، فكيف يمكن إثبات و تبني هذه الأطروحة ؟
2 / التوسيع ( محاولة حل المشلة )
عرض منطق الأطروحة :
لقد
قامت الفلسفة البراغماتية أولا، برفض الفلسفات التقليدية المجرَّدة التي
ليست في خدمة الحياة، وثانيا، بتأسيس منهجٍ جديد أو فلسفة عملية ذات منهجٍ
عصريٍّ يُساير حاجات الناس المتجددة، وتقلبات رغباتهم اليومية؛ و يدعو إلى
الانصراف من الفكر المجرد إلى الفكر العملي، وذلك استجابةً لضرورات الحياة
واستشرافا للمستقبل. يقول وليام جيمس : " إن كل فكرة لا تنتهي إلى سلوك
عملي في دنيا الواقع ، هي فكرة خاطئة وليس لها معنى " إذن نفهم من هذا
القول بأن المعرفة وسيلة أو ذريعة لتحقيق أغراض عملية تفيدنا في حياتنا ،
وسبب صدقها هو تجسدها في دنيا الواقع ، يضيف وليام جيمس : " إن الفكرة
الصادقة هي التي تؤدي بنا إلى النجاح في الحياة "
دعم الأطروحة بحجج شخصية :
والواقع
العملي يؤكد أن النجاح لا نصل إليه بأفكار فارغة من مضمونها العملي ، بل
هو نتيجة عن الأفكار الحيوية ، التي توجه الإنسان نحو العمل ، لذلك تقتبس
البراغماتية من كل فلسفة إيجابياتها ، فهي تأخذ عن فلسفة كانط فكرة العقل
العملي ، وعن نظريات داروين فكرة البقاء للأصلح ، و عن فلسفة
شوبنهاور
تمجيده للإرادة ، كما أنها تهتم بالدين لأنه يتضمن كثيرا من الحلول العملية
للمشاكل النفسية و الإجتماعية للإنسان ، فالتفكير هو أولا وأخيرا من أجل
العمل يقول ديوي : " إن كل ما يرشدنا إلى الحق فهو حق " و البراغماتية شعار
اتخذته الولايات المتحدةعنوانا لسياستها لذلك لسان حالها يقول :" ليس
لدينا أصدقاء دائمون ، و لا أعداء دائمون ، بل مصلحة دائمة "
نقد خصوم الأطروحة :
(منطق
الخصوم) : وإذا كانت الفلسفة البراغماتية ترفض الفلسفات التقليدية فلأنها
ظلت تبحث في مسائل الوجود بحثا ميتافيزيقيا مجردا يستهدف معرفة العلل
القصوى للوجود ، و مصير الإنسان ، و أصل معارفه هل هي الخبرة الحسية أم
العقل و الأفكار الفطرية ...إلخ،(النقد)وقد ترتب عن هذه الأسئلة سجال فكري
بين العقلانيين و المثاليين و التجريبيين ، لم يصل في رأي البراغماتيين إلى
إجابات نهائية ، ولم يجد الإنسان فيها حلولا لمشاكله اليومية لذلك فالبديل
عن هذه التصورات المجردة هو إعتماد فكر براغماتي سبيلا يوجه الإنسان إلى
العمل المنتج في الحياة .
3/الخاتمة ( تأكيد مشروعية الدفاع )
نستنتج
مما سبق أن الفلسفات الكلاسيكية لم يجد الإنسان في أفكارها المغرقة في
التجريد ، سوى المزيد من المشاكل المعرفية ، و الخلافات النظرية حولها ، و
لذلك فحياة الإنسان هي بحاجة إلى فلسفة عملية كالبراغماتية تدفع بفكر
الإنسان نحو تحقيق منافع ومصالح في حياته ،وهذا ما أكدته البراهين السابقة ،
أمام تهافت تصورات خصومها وبهذا فإن الأطروحة التي ترى " أن المنفعة هي
مقياس المعرفة الحقة " هي صحيحة في سياقها .