سألت
صاحبي عن القطار، كيف يسير، من يسيره، من يتحكم في اتجاهه، ومن يحتمل
السفر فيه،........فأجابني أن القطار من أهم وسائل المواصلات البرية،
وحدثني عن تاريخه وضرب الأمثلة على ذلك.
طبعا لقد أخذت درسا عن السكك الحديدية، صاحبي لم يترك شيئا عن القطار إلا وذكره لي ! وكأنني لست من سكان الأرض...
أنا أعرف جيدا كل المعلومات التي تخص القطار يا صاحبي....
لكني قصدت نوعا آخر من القطارات....نعم لقد قصدت قطارات العمر...
وجاء دوري في الكلام...
فأنت
تختار قطار العلم، وتركبه للوصول إلى محطة الشهادة الجامعية مرورا بعدة
محطات فرعية كالبكالوريا مثلا، وتجد نفسك منهكا من عناء السفر لكنك تصر
على الوصول إلى تلك المحطة، وتصل دون أن تفكر في تكاليف الرحلة، سرعة
القطار نعم المهم الوصول فقط. وتصل ويقول لك القابض إنزل من القطار فهذه
محطتك وتنزل طبعا، وأنت فرح لأن الكثيرين ممن تعرفهم لم يسعفهم الحظ لركوب
هذا القطار وفوتوا الرحلة إلى الأبد...
يا صاحبي أنت لن تبقى في تلك
المحطة، ستغادرها في قطار آخر، نعم أمامك قطار آخر لتجربه...لا تفكر كثيرا
أنت أمام قطار العمل وما أشق السفر فيه...إركبه يا صاحبي وحاول الشعور به
وهو يتحرك ويأخذك ذات اليمين وذات الشمال وأنت تترقب أين ستكون محطتك
التالية وقبل ذلك تجد نفسك تفكر في سرعة القطار وتفكر في مدة الوصول
وكثيرا ما يصيبك الدوار، لكنك شجاع ولن تكترث لذلك، وطبعا تصل بعد عناء
كبير إلى محطتك وتنزل من القطار وأنت تملك عملا................ ركبت
قطارا لم يركبه الكثيرون ووصلت محطة لم يصلها الكثيرون.
يا صاحبي لا
تفرح كثيرا فأنت تملك دريهمات معدودات، وتأكد يا صاحبي أنك ستستعملها
لشراء تذكرة قطار آخر...ألم تعرفه بعد إنه قطار الإستقرار نعم الزواج،
المنزل، الأولاد، وأشياء كثيرة هي عربات هذا القطار...
الكثير يظن أنه
سيركب هذا القطار وحده، لكن سيكون معك شريك في هذه الرحلة يتقاسم معك
عناءها وتعبها ومشاقها... ولا تحاول بأي حال من الأحوال النزول في أية
محطة فهدفك الإستقرار مع الشريك الذي ركب معك... إلى أن يتوقف القطار عن
المسير لتنزل في محطة لن يعرفها غيرك والسبب هو قضاء الله وقدره نعم هذا
ما ينزلك من هذا القطار وتترك كل العربات...
لكن صدقني يا صاحبي ستكون مرتاح البال وهنا تركب قطارا آخر لا يعرفه غيرك...
توقفت قليلا عن الكلام...
فقال لي صاحبي: وأنت ما يقلقك...
فأجبته: أخاف أن يفوتني أحد هذه القطارات ولا أوفق في الوصول إلى المحطة التي أصبوا إليها وأحلم بها...
يا صاحبي قطارات العمر تتعب كثيرا وعزيمتي لا تكفيني....
فضحك صاحبي وقال: طبعا لن تكفيك عزيمتك ولا عزائم البشر كلهم....
وأضاف بقوله: لقد تحدثت كثيرا عن القطارات وعن المحطات، لكنك لم تحدثني عن سائق هذه القطارات.....
فأجبت من دون تردد "الله".
فضحك مجددا وقال: إذن لما كل هذه الكآبة ولما البحث عن العزيمة لركوب القطارات.
الله يعينك على الدراسة ويعطيك الشهادة الجامعية.
الله يقوي قدراتك ويعطيك عملا.
والله يعرفك بشريكة العمر ويزوجك بها.
والله يفعل بك ما يشاء.
نصحني صاحبي بقوله: إن جميع مشاكل البشر تكمن في المحطات التي يريدونها...
والحل
يا عزيزي أن تؤمن بأن الذي يقود القطار يعرف جيدا المحطة التي تناسبك،
وينزلك فيها...ولا يحتاج لدليل لمعرفة ذلك...ووالله ستفتخر بها في آخر
المطاف.
المهم أن تقدم الأسباب الصحيحة لله عز وجل وسيعطيك نتائج لم تكن تتصورها أبدا...
مسكت صاحبي من كتفيه واحتضنته وقلت: الحمد لله أن جعلك صاحبي.
.............................
مجرد خواطر.