فطر الله - تعالى - النفس الإنسانية على حب الجمال، والله-سبحانه وتعالى – جميل يحب الجمال، وقد خلق الإنسان في أروع صورة جميلة، وأحسن تقويم، بل إن رؤية الجمال وتأمله يبعثان في النفس الرضا والبهجة، والشعور بالسعادة.
والمرأة جبلت على حب الزينة؛ فهي دائماً تبحث عن الجمال، وتسعى إليه مهما كلفها الأمر، ولكن الجمال ليس فقط في الصورة والجسد؛ فنحن لا نملك أجساداً -فقط- بل نملك أنفساً وأرواحاً، فلا معنى لجمال الوجه والمظهر دون أن نطهِّر الجوهر ونزكِّي النفس، وننشر السعادة لكل من حولنا؛ فالجمال الحقيقي في الكلمة الطيبة، والعقل الراجح، وهو ليس مجرد ملامح بل هو روح متألقة تبعث فيمن حولها البهجة، والطمأنينة، وتبث الخير وتتعامل مع الكون ومفرداته بذكاء عالٍ، وأخلاق حميدة، فزينة الوجه بنور الطاعة، والقلب بحلاوة الإيمان، والجسد بالخشوع والخضوع لله رب العالمين، والخلق بالحلم، والصبر، والقناعة، والرضا أجمل وأفضل -مائة مرة- من كل جمال ظاهري، ومساحيق زائفة، سريعاً ما تزول.
يقول الخبراء - تأكيداً لهذا المعنى -: (لا توجد امرأة دميمة) بمعنى: أنه لا يوجد فيها شيء جميل؛ فكل إنسان له في الجمال وعليه، المهم أن نواري عيوبنا، ونتعامل مع خصوصياتنا بصورة ذكية تبرز مساحة الجمال في الإطار الشرعي.
أما الأطباء وعلماء النفس فيرون أن الصحة والجمال توأمان، وأنه لا يكون الجمال ذا رونق وجاذبية إلا من صحة وعافية تريحان البدن من الآلام والأوجاع، وتمنحان الوجه نضارة وحيوية، ولكن هل يقتصر الجمال على ملامح الوجه والجسم؟ وهل من الممكن أن يكون الإنسان سليماً معافىً ودميماً قبيحاً في آن؟ أو أن الجمال الظاهري ما هو إلا رد فعل للجمال النفسي والروحي بجانب الصحة والعافية؟
نحن نحب الجمال ونهتم به سواءٌ كان خارجياً أم داخلياً.. لكن بشرط أن لا نحرِّم حلالاً، ولا نحل حراماً، وهذا هو الجمال الحقيقي للمرأة، فالستر هو الجمال، والمرأة العارية المتحدية لشرع الله بضاعة رخيصة، أما الجمال الحقيقي للمرأة فهو في التزامها، واهتمامها بعقلها ودينها، وأن تدرك دورها في حياة أسرتها ومجتمعها وأمَّتها، وأن تقبل على العلم، وأن تكون لديها ثروة فكرية وأخلاقية ودينية، فبدون هذه الأساسيات لا معنى لجمال الصورة الذي لا يدوم.
جمال الصورة ليس المعيار الوحيد الذي نحكم به على جمال المرأة؛ فسوء خلق المرأة قد يذهب بجمال الصورة فلا يكون له قيمة عندئذٍ؛ فالرجل وإن كان يهوى في المرأة جمالها الخارجي -اللافت للنظر- إلا أنه- أيضاً- يريدها أماً لأبنائه، وراعية لشؤونه، ومدبرة لأمره، ومطيعة له فيما يرضى الله - عز وجل - فقد يتزوج رجل وسيم من امرأةٍ متواضعة الجمال لأنه يرى فيها جمالاً آخر غير جمال الوجه، لعله طباعها المُريحة، أو أخلاقها الحميدة، أو مواقفها النبيلة...أو غير ذلك.
وصدق الشاعر إذ يقول:
لَيْسَ الْجَمَالُ بِأَثْوَابٍ تُزَيِّنُنَا إِنَّ الْجَمَالَ جَمَالُ الْعِلْمِ وَالأَدَبِ
واقتران جمال الروح وجمال الصورة يصنعان معزوفة جميلة تتنسم نغماتها المرأة فتتألق وتزدهر وتحس بالرضا، وهذا ما يمنحها جمالاً مضاعفاً، ومن جمال الروح والصورة معاً التمتع بالابتسامة الصافية التي تنير الوجه؛ فالابتسامة ترشح صاحبتها للعيش بذكاء، والبعد عن التوقف عند الأمور التافهة، والقدرة على التسامح الواعي الذي يحمي صاحبته من الأحقاد، واتساع الأفق، ونبذ الجدال، وترك الخصام، والتجمل بالصبر الجميل على ما نَكْرَه.
كيف تكونين جميلة؟
لكي تكوني جميلة ربما لا تحتاجين لأي من أنواع المساحيق؛ فأسلوب حياتك قد يصون جمالك ويجدده، وقد يدمره، ومما يحافظ على جمالك ويجدده:
القناعة والرضا:
القناعة والرضا أقصر الطرق إلى السعادة والجمال، وقد قرر أطباء التجميل أن الحياة الراضية السعيدة تمنح صاحبها جمالاً طبيعياً أخاذاً، وتجعله أكثر مقاومة للتجاعيد، وتمنحه دائماً مظهراً أصغر من سنه الحقيقي بأعوام.
والقنوع ليس لديه شعور بخيبة أمل؛ لأن حياة كل فرد ليست خالية تماماً من المتاعب والعوائق فلابد من أشياء تكدرها، وعندما يعتقد المرء أن حياته ينبغي أن تكون حالمة..وردية..حريرية فهو يعتقد الوهم، وهو ما يسبب له الإحباط، أما الشعور بالرضا فيبعث في النفس الطمأنينة والارتياح ، ولا تَنسَي أن الرضا بقضاء الله وقدرِه أحد أركان الإيمان، فإذا حاولتِ ذلك مستحضرة ثوابه كان لك الأجر والثواب في الآخرة، والسعادة، والجمال في الدنيا إن شاء الله.
ولعلك تعلمين أن الله - سبحانه - قد قسَّم عطاءه لعباده بالعدل؛ لأنه هو العدل نفسه، أليس العدل من أسماء الله الحسنى؟؟؟ فابحثي عن النعم التي منَّ الله - سبحانه - بها عليك، واحمديه عليها، واستفيدي منها؛ لأنك مهما فعلتِ فلن تأخذي أكثر من القيراطات المقسومة لك بعلمِ وخبرةِ من خلقك، وتذكري أنه لا توجد سعادة كاملة في الدنيا؛ لأنها جنة الكافر وسجن المؤمن، وإذا كنت غير قانعة بما لديك، فاحلمي بالجنة واسعَي إليها، ففيها ما لا عين رأت ولا أُذُن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وإنك هناك ستكونين أجمل من الحور العين، هل تعرفين لماذا؟ لأنك صبرتِ على طاعة الله، وجاهدتِ نفسك وهواك والشيطان، في حين خُلقت هي طائعة، ويجب ألا تنسي أن نعيم الدنيا فانٍ، ونعيم الجنة خالد بإذن الله، فأيهما تختارين؟؟؟
نقاء السريرة:
وهو أمر ليس بالسهل، ولكن إتقانه يأتي بالتمرين، ومع الوقت بأن تسامحي كل من أساء إليك، وأنت تستحضرين ثواب العفو عند الله، ويكفيك مدحه للعافين عن الناس في قوله - تعالى -: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران134] وقوله: {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة237] وقوله:{فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى40].
و لكِ أن تتأملي ما قاله ابن القيم -رحمه الله- في مدارج السالكين: "والجود عشر مراتب، ثم ذكرها فقال: والسابعة الجود بالعِرض، كجود أبي ضمضم من الصحابة، كان إذا أصبح قال: اللهم لا مال لي أتصدق به على الناس فمَن شتمني أو قذفني، فهو في حِل، وقد تصدَّقتُ عليهم بِعِرضي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للصحابة الكرام مَن يستطيع منكم أن يكون كأبي ضمضم؟؟!!"
لا تقلقي:
المؤمن لا يخشى مصائب الحياة، فكل أمره خير، يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له)) رواه مسلم وأحمد، ويقول الله – تعالى -: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة216] فالقلق يفرز سموماً في الدم تؤثر سلبياً في الصحة، ومن ثم على الجمال.
أسعدي الآخرين:
من عظمة الإسلام أن أعطى جزيل الثواب على مساعدة الآخرين وقضاء حوائجهم، ومن ثم إسعادهم؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم - في ذلك أحاديث كثيرة، منها على سبيل المثال: ((مَن مشى في حاجة أخيه حتى يقضيها له فكأنما اعتكف في مسجدي هذا شهراً)) ومنها أيضاً: ((خير ُالناس أنفعهم للناس)) .
ولعلك تعلمين أن إسعادك للآخرين له فضلٌ آخر غير الثواب الجزيل، هو أن سعادتهم سوف تفيض عليك أنتِ راحة ورضا وسعادة، ومن ثم: جمالاً روحيا لا ُيوصَف.
ثقي بنفسك:
الثقة بالنفس جمال من نوع خاص لأنه يمتزج بالجاذبية، ومن أهم مصادر الثقة بالنفس يقينك بنصر الله مادمت مؤمنة، وأنه- سبحانه - معك أينما كُنتِ، وأنك على الحق بانتمائك للإسلام، ومما يعينك على ذلك أيضاً أن تكتشفي مواهبك التي منحك الله إياها، وتستثمرينها فيما يعود عليك بالنفع وعلى مَن حولك، ومن خلالها تقومين بإنجازات تُشعرك بقيمة ذاتك، فيتحول ذلك في النهاية إلى انشراحٍ في الصدر، وبهاءٍ في الوجه، بل وقوة في البدن أيضاً.
مارسي الرياضة:
للرياضة -التي حث عليها الإسلام- فوائد جمة لجسم الإنسان، فهي تنشط الدورة الدموية وتعين أعضاء الجسم على القيام بوظائفها بصورة سليمة، وهذا ما يؤثر إيجاباً في لون بشرتك ونقائها، خاصة إذا مارستيها في هواء نقي، فإن لم يتوفر لك ممارسة نوع معين من الرياضة، فلك أن تمارسي تمرينات اللياقة البدنية بالاطلاع عليها في كتاب، أو بممارستها مع شريط فيديو، أو برنامج تليفزيون، أو أن تمارسي رياضة المشي بصورة منتظمة.
تناولي أطعمة الجمال:
يقول الدكتور طارق يوسف - مؤلف كتاب كنوز طب الأعشاب - عن أطعمة الجمال: إنها الأطعمة التي تحتوي على الحديد، الذي يمنح الدم لونه القاني، ومن ثم يعطي البشرة لونها الوردي؛ فالدم النقي هو أهم أدوات التجميل، لذا يجب أن تأكلي قدراً كافياً من الأطعمة التي تحتوي على الحديد بصورة كبيرة مثل: العسل الأسود -الذي يقولون عنه إنه حديد سائل- والعدس، والبازلاء، والبنجر، والكبدة، والبيض، والسبانخ، والخرشوف، والرمان، هذا إضافة إلى تناول الخضر والفاكهة الطازجة، ومنها على وجه الخصوص: الجزر والتفاح، ومنتجات الألبان، خاصة الزبادي والجبن القريش، هذا مع الاعتدال في تناول النشويات والسكريات واللحوم.