كأني بك و قد أوصلتك العجلة إلى معرفة سبب التسميه لهذه القصيدة ,
و ظننت ظلماً أن فتاة يتيمة فقدت و الديها فأرسلت حروف القصيده هذه و نسبت إليها .
و ليتك انتظرت و تركت لي مؤونة الشرح و البيان , و قبل أن تصيب الخطأ و ترجع للبحث عن الحقيقه .
إذ إن اليتيمه هنا هي القصيدة ذاتها , و سبب التسميه أنهم لم يسمعوا قائلها بل نقلت إليهم و تخبط الحفاظ في قائلها .
فقائل ينسبها إلى أبي نواس الشاعر صاحب الخمريات , و آخر ينسبها لعلي بن جبلة الذي قتلة المأمون الخليفة ،
و كثير ينسبها للشاعر دوقلة المنبجي و الذي لم يعرف له في كتب الأدب قصيدة غير هذه بل و لا نادره و لا خبر !!
و من هذا نعلم روعة و جمال و تميز هذه القصيدة عن غيرها من القصائد , و انها أجمل قصيدة حب و غزل نقلتها لنا كتب الأدب .
و هاهم الشعراء كلا منهم ينسبها لنفسه , و كأنهم يرون ان شعرهم لن يرتقي و يبقى للعصور و الأزمنه إن لم تكن هذه القصائد في ديوان أحدهم .
و القصيدة قيلت في محبوبة الشاعر و أسمها دعـــد , و الشاعر بعد أن يقف على الطلول يبدأ في وصف محبوبته وصفاً
قل أن تجد له نظير في غير هذه القصيدة .. أما الأبيات فإني أريد تقسيمها على مقتطفات حتى تستمتعوا بها طرباً وفهما .
يقول الشاعر :
هــل بالطـلــول لـســائـل رد ؟؟ ** أم هل لـهــا بـتكـلــم عــهـد ؟
درس الجـديد جـديد مـعـهـدهـا ** فـكـأنــمـا هـي ريـــطــة جــرد
من طول ما يبكي الغمام على ** عـرصــاتـهـا و يـقـهـقه الرعــد
و تـلـــث ســـاريــة و غـــــاديــة ** و يـكـــر نحــس بعــده سعــد
فوقـفـت أسـألها و ليــس بــهـا ** إلا الــمـها و نـقـانــق ربـــــــد
فـتـنـاثـرت درر الشــؤون علـى ** خـــدي كـــما يـتـناثـر العـقـــد
لهـفي على دعـد و ما خلقت ** إلا لـطـــــول تـلـهـفـي دعـــــد
من هنا يبدأ الشاعر في وصف محبوبته وصفاً مدهشاً حقا , و لو أنك حاولت ان ترسم دعد هذه و أستعنت بوصف الشاعر لصورت إمرأة فائقة الجمال .
بيــضاء قد لبس الأديـم أديــــ ** ـــم الحسن فهـو لجلدها جلــد
فالوجه مثـل الصبـح مـبيــض ** و الشعــر مثــل الليــل مســود
ضـدان لمـا أستجمعـا حسناً ** و الضـد يـظـهــر حسـنه الضـــد
و جـبيـنها صلـت و حاجــبـها ** شخــت المـخـط أزج مـمــتــــد
بفتــور عيـن ما بــها رمـــــد ** و بـها تـداوي الأعــيـن الـرمــــد
و تريــك عرنيــناً بـه شـمــم ** أقنـــــــى و خــــــدا لـونــــه ورد
و تجيل مسواك الأراك على ** رتــل كـأن رضــابـه شــهــــــــد
و كأنـما ســقـيـت ترائــــبها ** و النــحـر مـاء الــورد و الخـــــــد
و المعصمان فما يرى لهمــا ** مـن نـعمــة و بضــاضــه نــــــــد
و لها بنــان لــو أردت لــــــه ** عقـدا بكـفـك أمــكــن العـقـــــد
و البطن مطوي كما طـويت ** بيـض الرياض يزيــنها المــلـــــد
و بخــصــرها هـيـف يـزينــه ** فــإذا تـنــوء يـــكـاد يـنــقـــــــــد
و الســاق خـرعـبه مـنعمه ** عبـلت فـطـوق الـحجل منســد
و الكــعب أدرم لا يبين لــه ** حجــم و ليـس لرأســه حــــــد
و مشت على قدمين خصرتا ** بلـطـافة فتكامــل الـقـــــــــد
قد قلت لمـا أن كلفت بها ** و أقـتادنـي في حـبها الوجـــــد
إن لم يكن وصل لديك لنا ** يشفي الصبـابة فليكـن وعــــد
إن تتهمي فتهامة وطني ** أو تنـجدي إن الـهوى نـجـــــــد
و زعمت أنك تضمرين لنا ** ودا فهــــــل لا يــنــفــع الــــــود
القصيدة طويلة و مليئه بالمعاني الجميله و المبتكره و لكنني أردت التوقف على الوصف فقط , و للعلم و حتى لا يزعم زاعم أني خنت
الامانه العلميه في النقل , فلقد تجاوزت بعض الأبيات عمداً لما فيها من فحش لا يليق بنا ذكره و لا بكم قراءته .
إلا أنني مستغرب و إلا اليوم من كاتب قرأت له كتاباً نقل فيه هذه القصيدة كامله و بما فيها من فحش دون مراعاة لذوق القارئ و المروءة
اللتي خص بها ديننا الحنيف , كل هذا من أجل الأمانه العلميه ؟؟ ام أنه سهى عن ذلك و هذا ما أتمناه و لا أظنه .
بقي أن أشكركم على تفضلكم بقراءة هذه المقطوعه الساحره و ليرني كلٌ واحد منكم رسمه !!