المرائب غير الشرعية.. أرصفة وشوارع تحت رحمة اللصوصية

قرب
الأسواق، في المناطق السياحية، قرب المساجد والثانويات، تبدو ظاهرة أطفال
الباركينغ أمرا واقعا ليس شعبيا وإنما أيضا رسميا، فهؤلاء المراهقين وبعضهم
في سن الدراسة الاكمالية لا يمارسون هذا الممنوع في الخفاء بل إنهم يحملون
عصيهم ويفرضون منطقهم المقلوب على الجميع، وأحيانا يقدمون أسعارا لا تقبل
النقاش كما هو حاصل في منطقة دبي التجارية بالعلمة بولاية سطيف، والحال
نفسها بقالمة وخنشلة وقسنطينة ومختلف المدن الجزائرية.
الذي
يرفض دفع 100 دج نظير توقيف سيارته ولو لبضعة ثوان يتعرض لـ"طريحة" أمام
أعين الجميع، رجال الأمن عجزوا عن حل المعضلة والمواطنون تورطوا في الرضوخ
صاغرين لهذه الظاهرة، خاصة أن حظيرة السيارات في الجزائر أصبحت في المركز
الثاني إفريقيا بعد جنوب إفريقيا والبلديات لم توفر الباركينغات المحروسة،
وحراسة السيارات قدمت نفسها مثل طاولات التبغ كمهنة بديلة تدرّ على
الكثيرين ثروة حقيقية، بل أصبحت مهنة دائمة لا يجد ممتهنها حرج في
الافتخار بها حتى وهو يتقدم لخطبة إمرأة؟

.



أطفال يطلقون الدراسة ويحملون العصا لحراسة السيارات

بالرغم من المواثيق العالمية و القوانين الوضعية المسنونة في
مختلف دول العالم إلا أنّ ظاهرة عمالة الأطفال في تنامي مستمر لا سيما في
دول العالم الثالث فعادة حينما ينصرف هؤلاء من الدراسة يرمون محافظهم و
يتجهون نحو ما يطلق عليهم بالمهن التي لا تغن و لا تسمن من جوع لغاية أو
لأخرى و في بعض الأحيان يظطر هؤلاء لمغادرة مقاعد الدراسة و في سن مبكر و
يحالون خلال تلك الفترة الى اقرب مهنة يجيدونها فعادة ما تكون أرصفة التجار
الفوضويين أو حراسة السيارات و كلاهما يشكل خطرا على الطفل سواءا من حيث
الجانب الفكري، الإجتماعي، الصحي و حتى النمو النفسي. إنتشرت خلال السنوات
الأخيرة ظاهرة حراسة الأطفال القصّر للسيارات في أماكن هي أصلا ملك للدولة و
ليست مخصصة لما يسمى بالباركينغ فكل من لا يجد مهنة يقوم بكتابة عبارة
باركينغ على الحائط و يحمل عصا و يفرض على السائقين دفع مستحقات نضير ركن
سياراتهم و عادة ما يدخل هؤلاء في مناوشات مع أصحاب الباركينغ لأنهم لا
يملكون تذاكر توحي بشرعية عملهم،ناهيك عن وضع الأطفال القصر حرّاس
الباركينغ في خطر طيلة وقوفهم على حراسة السيارات جرّاء الإعتداءات التي من
الممكن أن تلحق بهم من قبل لصوص السيارات في حين لا تضمن لهم الدولة
تأمينا و لا تعويضا عن حوادث العمل ببساطة لأن المشرّع الجزائري و استنادا
إلى المنظمات العالمية لحماية حقوق الطفل منع عمل الأطفال لأن ذلك يشكّل
اختلالا في توازنهم النفسي و في تكوين شخصياتهم فعلى سبيل المثال فإن الطفل
الذي يخرج في سن مبكرة للحياة العملية عادة ما نجد في نفسه الوازع المادي و
يصبح بذلك يبحث عن طرق الكسب بغض النظر على الوسيلة التي ستوصله حتما
لغايته ناهيك عن أنّ علماء النفس حذّروا من عمل الأطفال في سن مبكر لا سيما
تلك الأعمال التي تجعلهم يحتكون بأشخاص يؤثرون عليهم سلبا في تكوين
شخصياتهم فيصبح الطفل الذي هو رجل المستقبل عنيفا في سلوكاته و تصرفاته دون
الحديث عن العقد النفسية التي تولد داخل الطفل و تكبر معه نتيجة التغيير
الحاصل في مراحل نموه فالطفولة هي أساس الشخصية السوية لأنه خلال تلك
المرحلة المهمة من حياة الفرد يكون الطفل قابلا لاكتساب الخبرات و المعارف و
من خلالها يتم تحديد الإتجاه السلوكي للفرد.

.

"مهنتي حارس "باركينغ" .. هل عندكم بديل يا مسئولين

تعتبر مواقف السيارات العشوائية مصدر رزق الكثير من الشباب
السطايفي الذي يعملون بدون رخصة بحيث يجدون في استغلال بعض الأماكن على
مستوى أحياء سكنية وأماكن عمومية لحراسة السيارات عملا مناسبا لكسب
الأموال.. ولا يقتصر الأمر فقط على الشباب البطال بل يشمل أيضا أصحاب
السوابق العدلية الذين غالبا ما يتعذر عليهم ممارسة عمل آخر، وبالمقابل
يضطر أصحاب السيارات الذين يواجهون العديد من المتاعب للحصول على مكان
للركن إلى دفع مستحقات مالية لحارسي المواقف الفوضوية لتجنب المشاكل التي
قد تحدث في حال امتناعهم عن دفع ثمن ركن سياراتهم. وأمام هذه الوضعية التي
تشهدها اغلب بلديات سطيف وخاصة بالعلمة وعين ولمان التي تعرف ضغوطات كبيرة
بالنظر إلى ضيق الطرقات، حيث شاهدنا بعض المواقف العشوائية المحاذية لشارع
دبي التجاري بالعلمة كعينة عن كل المواقف المماثلة- حيث لمحنا بمجرد وصولنا
إلى أحد المواقف شابا في الثلاثينات من العمر جالسا على كرسي يراقب دخول
السيارات، ولما سألناه عن رأيه في قرار القضاء على المواقف العشوائية اعتبر
انه أمر جيد ولكنه ليس الحل، فالحل الوحيد حسبه هو خلق مناصب عمل لهؤلاء
الشباب وذلك أفضل من لجوئهم إلى السرقة والاعتداءات، واسترسل في الحديث
بالقول، اكسب رزقي من دون إيذاء غيري والشرطة تعرفني جيدا بأني لا أتعرض
لأي احد واجلس دائما وحدي حبيس همي، ويرى شاب أخر يدعى عمار، أن قرار
القضاء على هذه المواقف من المفروض أن يمس فقط أصحاب المواقف المليئة
بالمنحرفين والسرقة والاعتداءات والذين يقومون بحجز الأماكن وإجبار الناس
على دفع المال وفي حال الرفض يعتدون على سياراتهم. ويرى احد المواطنين أن
حراسة السيارات بطريقة فوضوية في وقتنا الراهن تحولت إلى حرفة وإن لم تدفع
تتعرض سيارتك للكسر والاعتداء مؤكدا على أن هذه المهنة أصبح يمارسها مروجو
المخدرات بالتناوب فيما بينهم ومن المستحيل استمرار الوضع هكذا فكل من
يشتري سيارة جديدة يجد صعوبة كبيرة في ركنها ويخاف عليها من السرقة حتى على
مستوى حيه. كما عبر محدثنا عن استيائه لكونه يضطر أحيانا إلى دفع المال
لصاحب الموقف عدة مرات في اليوم خاصة وانه يتقاضى راتبا متواضعا فما الداعي
للعمل حسبه. وفي هذا السياق، أكد مسؤول ببلدية العلمة، انه تم استدعاء بعض
الشباب الذين قاموا بإيداع ملفاتهم على مستوى البلدية ومنحناهم الرخص
ليعملوا في إطار شرعي ووفقا للقانون الداخلي من خلال دفع الضرائب وبهذه
الطريقة لا يجد أصحاب السيارات مشاكل في الركن بحيث تكون لهم تذاكر خاصة.

.



عائلات توارثت الأرصفة وأصحاب السيارات استسلموا للأمر الواقع

لا يختلف إثنان في أن تفشي ظاهرة حراسة مواقف السيارات، أصبح مصدر
قلق واستياء، لدى أصحاب المركبات، الذين أصبحوا مجبرين على دفع رسوم
وإتاوات بطرق غير قانونية، مقابل ركن سياراتهم في مختلف أحياء وشوارع مدينة
قالمة، التي توارثتها بعض العائلات، واستولى عليها أشخاص بالقوة وحوٌلوها،
إلى مصدر لتحقيق مداخيل مالية معتبرة، مستغلين صمت السلطات الإدارية وخاصة
منها مصالح البلدية، التي لم تأخذ على عاتقها مسؤولية تنظيم مواقف
السيارات بالمدينة. وعلى الرغم من إعلان وزارة الداخلية والجماعات المحلية
في أكثر من مناسبة على تنظيم مهنة حراسة مواقف السيارات وتحريرها من قيد
المستولين عليها بعدما أصبحوا يهددون امن وسلامة أصحاب المركبات الذين لا
يستجيبون إليهم في دفع حقوق التوقف، التي تختلف من مكان إلى آخر وبحسب منطق
كل حارس، وهو ما يتسبب في ثارة العديد من الشجارات التي غالبا ما تكون
نتيجتها تحطيم زجاج السيارات وتنتهي عند المحاكم. الظاهرة لم تعد مقتصرة
فقط على الشوارع والأحياء والأماكن العامة في الأسواق وأمام المقاهي، بل
تعدتها إلى تلك الفضاءات والمساحات وجوانب الطرقات المحاذية لمختلف
الإدارات العمومية بمدينة قالمة، ولكم أن تتصوروا صاحب سيارة مضطر لاستخراج
ملف إداري متكون من عدٌة وثائق مٌشتركة بين مختلف الإدارات الموزعٌة عبر
عدد من أرجاء المدينة، حيث يضطٌر في كل مرٌة يتوقف فيها بسيارته أمام إدارة
معينٌة إلى دفع حقوق التوقف، وهو ما يكلفه غاليا، من الناحية المادية، كما
أن أحد المواطنين قال أنه دفع مبلغ 50 د.ج من اجل شراء ربطة معدنوس بـ10
دنانير، فيما أكد آخر أنه اضطر إلى دفع مبلغ مالي أمام مستشفى الحكيم عقبي
عند منتصف الليل، فيما ذهب آخر إلى القول بأن استخراج ملفا داريا مشتركا
بين عدد من المديريات كلفه أكثر من 500 د.ج كاملة دفعها لحراس المواقف،
فيما كلفت خبزة شخاص آخر مبلغ 30 د.ج . وبين كل هذه الحكايات والأمثلة التي
يشهد ويعترف بها الجميع بمن فيهم مسؤولوا البلدية، فإن مهنة حراسة المواقف
التي يمارسها عادة أصحاب البنية الجسدية القوية، لإجبار أصحاب السيارات
على الدفع دون احتجاج، فإنها تحقق لممارسيها أموالا طائلة دون أن يتكبدوا
أية مصاريف، لأنهم وببساطة غير مقيدين لدى أية هيئة رسمية وغير معنيين
إطلاقا بدفع الضرائب أو حقوق استغلال تلك الأماكن التي تبقى في حاجة إلى
تدخل السلطات من اجل حمايتها من الإنتهازيين وتنظيم مهنة حراسة المواقف وفق
ما تنص عليه قوانين الجمهورية.

.



سيارات تحوّلت إلى حانات ومحشاشات

في ولاية قسنطينة يكاد يكون الإجماع على أن حراس السيارات ليلا في
قلب الاحياء السكنية هم من متعاطي الحشيش والمسبوقين قضائيا، عامة الناس
يقبلون بذلك على أساس أن الذي يتحدى لصوص الليل لا بد أن يكون مثلهم أو
ربما رفيقهم، وحتى تسلح ارس الليل غير قانوني حيث يحتاط بالأسلحة البيضاء
وبالكلاب الممنوعة دون سند قانوني والغريب أن السرقات الليلية من قلب
الأحياء كثيرة جدا، وعادة ما يخرج من القضية الحارس كالشعرة من العجينة كما
يُقال، والحراس يستعلمون السيارات الخاصة بزبائنهم بحجة الحراسة في أيام
البرد، ولكنها عادة ما تتحول على شبه محشاشات يتعاطون فيها كل أنواع
المحرمات ويمارس فيها الحارس مع رفاق السوء تعاطي الخمور والمخدرات وحتى
القمار، ولا يمكن لصاحب السيارة قول أي شيء بمعنى أنه يمنح المأوى للحارس
ثم يدفع له مبلغا يتراوح في قسنطينة بين 500 دج إلى غاية 700 دج وهو مبلغ
مهم قد يحقق لحارس الحظيرة مبلغ 5 ملايين سنتيم شهريا في الأحياء الكثيرة
السيارات نظير نوم عميق جميع الزبائن يعلمون به خاصة أنهم يعودون في الفجر
أو يتوجهون للصلاة حيث لا يظهر للحارس أي أثر، ونادرا ما يخرج مواطن عن
القاعدة فيرفض الدفع الذي هو قانون يلتزم به جميع المواطنين رغم أنهم لا
يلتزمون بالقوانين الوضعية الحقيقية ولا حتى الشرعية.

.



30 جريمة في حظائر ركن السيارات بخنشلة

تشير مختلف الإحصائيات المقدمة من قبل مصالح الأمن ورجال الدرك
الوطني بولاية خنشلة عبر ربوع بلدياتها في دراسة لأسباب الجرائم بأنواعها
المختلفة لا سيما السرقات و السطو إلى جانب القتل و الاعتداءات المسلحة،
تشير إلى تورط أصحاب حظائر ركن السيارات العشوائية التي عرفت انتشارا وتنام
غير مسبوق بحيث أضحت كل الأحياء خاصة العمارات منها وجهة الشباب البطال
وحتى العاملين لإنشاء حظائر يقال أنها محروسة حيث سجلت ولاية خنشلة خلال
السنتين الماضيتين ما يزيد عن 30 جريمة منها 5 قتل كانت بدايتها آو
انطلاقتها حظيرة ركن السيارات في مقدمتها جريمة مقتل لاعب اتحاد مدينة
خنشلة ياسين مراح إضافة إلى مقتل شاب بطريق مسكيانة من قبل حراس حظيرة،
وغيرها من قضايا كلل التحري والتحقيق الأمني من فك شفرتها انطلاقا من حظيرة
ركن السيارات.