تعيش عائلة طرفية المقيمة ببلدية فرجيوة في ولاية ميلة، منذ
نهاية شهر رمضان المنصرم أصعب وأحلك الأيام بعد أن تحولت فرحة ذهاب رب
الأسرة لآداء مناسك العمرة إلى عذابات يومية ومأساة مفتوحة لا أحد يعلم كيف
ستنتهي، وهل سيعود أم لا؟
وبحسب السيد عمار طرفية، الذي روى "للشروق" مأساة هذه
العائلة فإن عمه السيد طرفية مصطفى، البالغ من العمر 75 سنة كان قد قصد
البقاع المقدسة لآداء مناسك العمرة بتاريخ 15 أوت المنصرم، أي منذ أكثر من
ثلاثة أشهر ونصف مع وكالة "نوبة" للسفر الكائن مقرها بقسنطينة، وشاءت
الأقدار أن يتعرض ليلة السابع والعشرين من رمضان لحادث مرور مفزع، حيث
دهسته سيارة الشرطة السعودية بالحرم المكي، أصيب على إثرها بجروح بليغة على
مستوى الدماغ وفقد وعيه فتم نقله إلى أحد مستشفيات مكة، أين خضع لعلاج
مكثف إلا أن ذلك لم يعط أي نتيجة حيث ظل في غيبوبة تامة ولم يستعد وعيه
واضطرت أسرته إلى أن ترسل ابنه طرفية عبد الغاني، للوقوف إلى جانبه، حيث
التزمت أسرته بالصبر والدعاء راضية بقضاء الله وقدره، لكن فاجعتها تعقدت
أكثر وزادت عذاباتها حينما علمت أن إدارة مستشفى مكة قررت قبل أسبوع التخلص
من المريض، بعد أن قدمت له كل ما تستطيع وأنه لا يمكنها الاحتفاظ به إلى
الأبد، فتدبر ابنه الأمر وجمع ما يلزم من مال وتمكن من إيصاله إلى المطار
لإعادته إلى أرض الوطن، لكن على أرضية المطار تفاجأ بمعضلة الجديدة وهي رفض
طاقم الطائرة نقله لكون حالته خاصة وتستلزم طبيبا مرافقا خشية موته على
متن الطائرة، فلم يجد غير المسارعة بإعادته إلى أقرب مستشفى في جدة،
وبصعوبة جدا تم قبوله على مستوى الاستعجالات الطبية بمستشفى جدة بعد تدخل
القنصل. لكن إدارة هذا الأخير ترفض التكفل التام بحالته وقبوله في المصلحة
الملائمة لإصابته وتهدد بإخراجه بعد إتمام التكفل به كحالة مستعجلة،
وبالمقابل تصر مصالح الخطوط الجوية على رفض نقله بالطائرة، ووجد الابن نفسه
حائرا بين هذا وذاك ووالده مرميا أمام عينيه في رواق مستشفى جدة خاصة بعد
انسحاب ممثل القنصلية، وحتى مصاريف البقاء هناك نفذت معه بعد أن فشلت أسرته
في إيصال أي مبلغ له، وكان آخر مبلغ مالي قد أرسلته له مع الحجاج لدرجة
أنه قضى ليلة أول أمس، في الشارع المجاور للمستشفى بعد أن صرف آخر ريال
معه، وبعد أن فشلت أسرته هنا في مساعيها مع وزارة الخارجية، لحل معضلته
ناشدت عبر "الشروق اليومي" كل من بإمكانه التدخل لإعادة هذا المريض وابنه
إلى أرض الوطن.